هناء الحمادي (أبوظبي)

الرغبة بالرسم وترجمة الأفكار الداخلية لدى العقل طاقة لا تنضب، لكن تحويل الفكرة إلى لوحة ونقل الخيال إلى الورق مسألة تتطلب الإلهام والرؤيا والحدس والإبداع، وحالة أشبه بالحلم.
لطيفة محمد فنانة تشكيلية تتراءى لها تموجات الألوان والمساحات وشعور داخلي يدفعها إلى التعبير على ورق الرسم لتتجسد المواقف من خلال لوحات فنية تبدعها في الهواء الطلق على مراسي البطين في أبوظبي.
عندما ترسم لطيفة لوحاتها تركز على إبراز جمال اللوحة وقوة الألوان، وتقول عن ذلك «يأسرني استخدام الألوان الصريحة في لوحاتي، حيث أميل إلى التعمق بشكل أكثر في العمل، وإلى رسم الوجوه التي أعشق الغوص في تفاصيلها، لما بها من دقة تبرز موهبتي، فالألوان تطفو أمام عيني، وهي تنحصر ضمن مساحة منتشرة بصفاء أو تداخل على الورق الأبيض، لتنقل مشاعري وتصوري عن بعض مشاهد الحياة، وفق ما أراه بالعين المجردة أو بعين الروح، «عين الروح هي الريشة التي أرسم بها».
وعن سبب اختيارها لفن «البورتريه» دون غيره من أنواع الفنون الأخرى، أوضحت أن البورتريه عمل فني يمكن أن يسمى متحفياً، فبعد زمن من إبداعه يصبح من التاريخ، وهو من أكثر المواضيع تشويقاً في عالم الفن التشكيلي بالنسبة لها، مشيرة إلى أنها تحب رؤية صنع الخالق في خلقه لذلك تعشق الوجوه وتحب تحليل شخصيات الآخرين خلال رسمها للملامح.

في البورتريه
وترى أن لمعة العين لها آلاف الدلالات، كما أن الخصوصية التي تعطيها الألوان تحول اللوحة إلى عمل فني رائع، من خلال أصابعها التي تلامس الورق، وحين تطوع فرش الرسم التي تبحر بها في عالم الفنون على مرسى البطين في أبوظبي، لمدة 6 ساعات في اليوم وأحياناً قد تزداد حسب تفاعل الناس ومتابعتهم لها. الرسم في الهواء الطلق دائماً ما يحرك مشاعر وأنامل المبدعة لطيفة محمد، فهي تجد نفسها في عالم الواقع والطبيعة والخيال الخصب، الأمر الذي يدفعها لرسم تلك اللوحات الفنية، فمن يتابع حساب الفنانة التشكيلية على إنستغرام lateefa115، يلاحظ حبها للرسم على صفحات جريدة الاتحاد، خاصة حين تتعلق الرسومات بالقيادة الرشيدة أو المناسبات الوطنية، خاصة يوم الشهيد ويوم العلم، فهي تبحر بأناملها نحو عالم الألوان ترسم ما يتراءى لها من جمال وإبداع. وتقول: أنا واحدة من الناس الذين يعشقون رائحة صفحات الجريدة والشعور بالحبر الأسود في أصابعي، وبالتالي حين يجتمع الجمال والفن والإبداع ارسم على الجريدة، وأنا في مخيلتي رجوع الجميع إلى ذلك الزمن الذي كنا نتسابق فيه في البيت على قراءة الجريدة.

خبرات
محطات لطيفة محمد لم تكن فقط في عالم الألوان والفن التشكيلي فقط، بل تقدم العديد من الأعمال الخيرية والإنسانية وتعتبرها تجربة إنسانية فريدة، فهي تشعر المتطوع بالتحسن والراحة النفسية، فمساعدة الآخرين تخلق نوعاً من تقدير الذات، وفرصاً للالتقاء بأشخاص جدد يؤمنون بالأسباب نفسها، التي دعت لعمل الخير، كما تعزز عادة التواصل والتآلف الكرم، فيخرج جيل يقدر معنى العطاء، و العمل الإنساني، موضحة أن مشاركاتها مع الهلال الأحمر الإماراتي بشكل عام، هي لأسباب إنسانية، فهي تحب العمل التطوعي، وفي إطار ذلك سافرت إلى المخيم الإماراتي الأردني في منطقة مريجيب الفهود، وشاهدت بعض جوانب من الحياة وصعوباتها، وقد اكتسبت الكثير من الخبرات في كيفية تقديم الدعم والمساندة، ورفع الروح المعنوية لأشخاص لا يعرفون ماذا ينتظرهم في المستقبل، مما جعلها تنظر إلى العالم بطريقة مختلفة.
كما شاركت في معرض آيدكس 2019، وهذه التجربة الأولى التي تحظى بها حيث اكتسبت الكثير من المهارات والخبرات وكيفية التعامل مع العسكريين الذين لهم طريقة تعامل تختلف عن الآخرين، وقد أنجزت عدة لوحات من خلال المعرض، شهدت إقبالاً من الكثيرين، والتقاطهم الصور الفوتوغرافية لأعمالها التي عكفت على إنجازها، ونالت اهتمام كبار الشخصيات. كما كانت هناك مشاركة أخرى برسم اللوحات في معرض الصيد والفروسية في أبوظبي.
الأعمال الفنية التشكيلية لم تتوقف على فن البورتريه، بل استطاعت لطيفة أن تترك لمساتها التشكيلية على طابع بريد في «عام زايد» من خلال المشاركة مع المصمم حمدان الفلاسي، مؤكدة أنها كانت تجربة جميلة أن توثق ذلك الفن من خلال طابع بريدي في «عام زايد»، حيث يطمح الكثير من الفنانين للمشاركة في هذا الحدث التاريخي.